الذكاء الإبداعي
الذكاء الإبداعي هو السبب وراء كل فكرة جديدة تطرأ بذهنك, ووراء كل ابتكار أو تقدم جديد. ومن مميزات الذكاء الإبداعي أنه يعينك على تخطي مشاكلك اليومية التي قد شغلتك طويلاً إذ يوفر لك حلاً بديلاً جديداً للاستمرار بعملك ولتطويره.
ولكنه ثمة عامل يفصلنا عن قدراتنا الإبداعية، ألا وهو اعتقادنا الخاطئ بحتمية أن المبدعين أذكياء فوق العادة وأن درجة ذكائنا لا تصل إلى هذا المستوى. ولكن في حقيقة الأمر ووفقاً لدراسة أجراها أستاذ علم النفس الدكتور "دين سيمونتون" فإن النابغين المبدعين من المؤلفين والراسمين والموسيقيين والعلماء ورجال الأعمال أقل ذكاء من أي شخص آخر. ولذلك فتأكد أن لديك كل القدرات التي تحتاجها كي تبتكر وتبدع أشياء جديدة.
وإليك بعض الأمور العملية التي تجعل ذكاءك الإبداعي يرتفع بشدة إذا فعلتها بانتظام:
1)جدد فيما تقوم به يومياً؛ فالرتابة اليومية تقلل الإبداع بينما يعد التنوع والإثارة وسيلتين للاستعانة التامة بقدراتك الإبداعية فاتخذ طريقاً مختلفاً أثناء ذهابك إلى المكتب مثلاً، قم بشراء حاجاتك من محلات مختلفة, نوع من نشاطاتك في أوقات فراغك.
2)أحبب ما تكره؛ عندما تتعرض لموقف بغيض أو تكون بصحبة شخصية منفرة حاول إيجاد أو قول شئ محبب لك في هذا الموقف البغيض, حاول محبة هذا الشخص الذي تكرهه وعامله كأنه صديق حميم، وصدق الله تعالى إذ يقول: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم"
3)ضع نفسك مكان الآخرين؛ سيزيد ذلك من مرونة ذهنك وتنمية قدراتك على استشعار المشاكل من منظور مختلف.
إن الإبداع عضلة كأي عضلة في جسمك إذا أحسنت تدريبها واستعمالها نمت وقويت أما إذا أهملتها وتركتها ضمرت وضعفت، لذا فأنت تحتاج إلى تدريب قوة الإبداع لديك.
وسنقدم لك تدريبين يساعدانك على تنمية قوة الذكاء الإبداعي لديك:
أولاً: تدريب الإلهام الفوري:
هل حدث لك مرة وأرهقتك مشكلة ما واجتهدت في التفكير في حلها دون جدوى، ثم بعد فترة قصيرة وأنت تجلس على الأريكة تسترخي ولا تفكر في المشكلة مطلقاً أُلهمت الحل بسهولة ويسر؟
هذا هو الإلهام الفوري الذي نريد أن نصل إليه ولكن كيف السبيل إلى ذلك..؟
قبل أن نشرح لك السبيل إلى ذلك عليك أن تعرف بدايةً أن العلماء قد اتفقوا تقريباً على أن العقل اللاواعي هو مصدر إلهامنا الإبداعي، حيث كتب الباحث في مجال الوعي د. "ويلين هارمان": ((إنه لمن المعترف به حالياً أن العقل الباطن ينبوع لا ينضب للإبداع البشري)).
أمر آخر عليك معرفته؛ ألا وهو أن الإيماءات الإبداعية التي تأتي من العقل الباطن غالباً ما تأتي بينما يكون ذهنك شارداً، هذه الإيماءات والإشارات تأتيك يومياً أكثر من عشر مرات... !!
ولذا فحتى تحصل على هذه الإيماءات والإرشادات الإبداعية من عقلك الباطن وتحسن استثمارها اتبع الخطوات الآتية:
1)ركز انتباهك قليلاً على مراجعة العناصر الأساسية والمشاكل الأساسية التي تواجهك وكل ما تريد تحقيقه.
2)نح القضية جانباً وحول انتباهك لأي شئ آخر (أيام صباك مثلاً؛ حينما كنت تلعب بالدراجة)، فأنت بذلك تتيح المجال لعقلك الباطن لتقليب كافة أوجه المشكلة ثم استرح فوق مقعدك أو فوق أريكتك.
3)بينما تستغرق أنت في التفكير ملياً في أي شئ آخر دع الفرصة لأحلام اليقظة أن تأتيك في لحظة ما, ستأتيك فجأة وستحصل على لإلهام الذي تريده.
4)إذا لم تصل إلى الإلهام الذي تريده قم بتكرار الخطوات من 1-3 مرات، تقول "جين ماري ستاين" معلقة على ذلك ((ففي معظم الحالات، ينبغي أن تتوصل إلى فكرة سديدة في نهاية اليوم)).
5)قم بتطبيق الأفكار التي توصلت إليها بعد تقليب التفكير فيها ووزنها جيداً، فمن الجائز ألا تكون كل الأفكار مناسبة أو قابلة للتطبيق، بينما قد يغرك شدة وميضها لحظة ظهورها في عقلك، ولذا لا تتعجل وفكر فيها جيداً، ثم قم بتطبيقها واختبر مدى جدواها.
* من الملاحظ في هذا التدريب هو أنه عليك بذل مجهود في الخطوة الأولى فقط، بينما تأتي الخطوة الثانية والثالثة بتلقائية تامة وكنتيجة للخطوة الأولى، فقم بالخطوة الأولى وسيتولى عقلك الباطن القيام ببقية المهمة.
ثانياً: تدريب الانعكاس:
هذه الوسيلة بسيطة جداً وفعالة للغاية ألا وهي عكس الأمور؛ عندما لا تستطيع أن تجد فكرة جديدة أو حل, فببساطة ابن الافتراضات العميقة وقم بعكسها، وإليك الخطوات العملية لتطبيق هذا التدريب:
1)سجل افتراضاتك الأساسية عن مشكلتك، دونها كمجموعة من الجمل الخبرية التي تعبر عن الواقع وتصف ماهية الشيء؛ فمثلاً إذا كنت تريد أن تصبح صاحب مطعم وتبحث عن مفهوم مبتكر للمطعم ليساعدك على المنافسة بقوة فلعلك تكتب افتراضاتك على هذا النحو: (المطعم عبارة عن مؤسسة تجارية أو بناء حيث يأتي الناس إليه ليتناولوا الطعام وهو مكان يستطيعون فيه أن يجدوا الطعام المتنوع لكي يرضي جميع الأذواق).
2)اكتب مجموعة من الجمل كل جملة تأتي مضادة لكل افتراض افترضته في الخطوة السابقة وابدأ بما تعتبره أهم افتراض؛ فمثلاً:
أ)من الممكن أن تعكس افتراض أن المطعم مكان يأتي إليه الناس إلى مكان يرسل الطعام إلى الناس، (من هنا نشأت فكرة إبداعية كالتي تمثلت في دومينوز بيتزا).
ب) من الممكن أن نعكس الافتراض (أن الناس يستطيعون فيه أن يجدوا الطعام المتنوع, إلى أن المطعم يركز على طبق رئيسي واحد ونوعية طعام محددة)، ومثال ذلك فكرة دجاج كنتاكي حيث يركز على نوعية طعام محددة ألا وهي الدجاج المقلي).
3)راجع الافتراضات المعكوسة, وقيمها و اختر منها ما يصلح للتطبيق.
والحقيقة أن الكلام عن الذكاء الإبداعي لا ينتهي إلا أننا نرجو أن نكون قد أعطيناك فكرة سريعة و فعالة عنه تؤهلك لتطويره وتقويته لتلحق بركب المبدعين، وإلى أن نلقاك في المرة القادمة مع نوع جديد من أنواع الذكاء، فلك منا أطيب التحية, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.